تقلبات سعر صرف الدولار : هل أبيع الدولار أم اشتري المزيد منه؟

مع اندلاع أحداث طوفان الأقصى، كانت الشيكل أول ضحاياها، فانخفض بنسبة وصلت به إلى قاع لم يصله منذ عام 2012، فوصل سعر صرف الدولار مقابل الشيكل إلى 4.09 في بعض الأحيان، ثم انخفض إلى مستويات كان عليها قبل أحداث الطوفان.

وقبل الدخول في التفاصيل؛ تجدر الإشارة لأمر مهم:

للتوصل للإجابة على سؤال ماذا أفعل بالدولار (هل أبيعه أم أشتري المزيد)، فلا بد من قراءة النقاط الثلاثة الواردة في المقال جيدا.

كما تجدر الإشارة إلى ضرورة بناء ميزانية جيدة، نظرا للارتفاعات السعرية المحتملة القادمة بعد انتهاء الحرب.

التفاصيل:

تتزايد التساؤلات عما إذا كان الوقت جيدا لشراء الدولار لتحقيق ارباح قادمة.

أم أنه وقت مناسب للبيع عند هذه المستويات المرتفعة أساسا، بهدف إيقاف الخسائر، وخاصة لأولئك الذين قاموا بالشراء عند مستويات مرتفعة.

وللإجابة على هذا السؤال المحير، يجب أن يفهم القارئ الأمور التالية:

أولا. سبب انخفاض الشيكل ما قبل وبعد الحرب:

قبل اندلاع أحداث الطوفان، كان الشيكل يتعرض لضعف بسبب قوة الدولار والذي تماسك عند مستويات 3.80 وأعلى لفترة جيدة.

بينما وبعد اندلاع الحرب، تحولت المسألة لضعف الشيكل أكثر منه قوة في الدولار بسبب الحرب.

ثانيا. سبب ارتفاع الشيكل بعد شهر من الحرب:

على الرغم من استمرار الحرب، إلا أن الشيكل تحسن وعاد لمستويات جيدة، وهذا كان بسبب الضخ الذي قام به المركزي الاسرائيلي، وأدوات الدين التي قام بإصدارها والتي تجاوزت 3 مليارات دولار.

كما أدى دعم المستثمرين المؤسساتيين بشراء أسهم الشركات إلى انقاذ البورصة الاسرائيلية ومؤشرها العام.

بل إن التدخل الأميركي والأوروبي بإيقاف رفع الفوائد قاد الشيكل للتماسك بعدما قام المركزي قبلهما بايقاف رفع الفوائد.

حيث إن تماسك أسعار الفائدة للعملات الأخرى الرئيسية وعدم رفعها تسبب بإنقاذ الشيكل نوعا ما.

ثالثا. هل سيستمر تحسن الشيكل بعد انتهاء الحرب:

هذه النقطة هي الأهم، فانتهاء الحرب، سيتسبب في انقشاع الغبار عن الكثير من المشاكل الاقتصادية، سواء للجانب الغربي، او على صعيد الجانب الاسرائيلي.

فتوقف رفع الفوائد  ستعيد شبح التضخم للعديد من الاسباب أهمها:

  • ارتفاع اسعار النفط، مع مواصلة انخفاض المعروض منها خاصة من قبل الجانبين الروسي والسعودي.

  • اقتراب فصل الشتاء، والبطء الطبيعي لسلاسل التوريد التجارية.

  • الاضطرابات التجارية المستمرة في ظل التخبطات الاقتصادية للحرب الجارية.

حيث إن هذه الحالة ستعيد البنوك المركزية لأداتها التقليدية في حرب التضخم، وهي رفع الفوائد، وهو ما تحدث به رئيس الفيدرالي جيروم باول.

بل إن الشيكل القوي سيلحق الأذى بالصادرات الاسرائيلية التي ستزيد الحاجة إلى تنشيطها لتنشيط الاقتصاد الاسرائيلي، الذي يعتمد على الصادرات في إدخال العملة الصعبة ودعم كافة القطاعات الاقتصادية.

وهنا وبعد فهم هذه النقاط الثلاث، نأتي للإجابة المختصرة، وهي ضرورة التحوط بالعملات الصعبة، وتحديدا الدولار الذي سيعاود تألقه مدفوعا بالفوائد المرتفعة.

والتي ستتماسك حتى نهاية العام المقبل، مقارنة بتوقعات ما قبل الطوفان بأنها ستتماسك فقط حتى منتصف العام المقبل.

كما وتجدر النصيحة،

بالتمسك بأكثر من عملة لعملية الاستفادة من كل التقلبات الممكنة بعد انتهاء الحرب، والتي قد يتحسن الشيكل بعدها لفترة ليست بالطويلة نظرا للأسباب السابقة الواردة في المقال.

مجدي النوري مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية