كثيرا ما كان يخرج رئيس الفيدرالي ولأكثر من سنتين ليؤكد للجميع بأن معركته الرئيسية كانت وما زالت ضد التضخم وغلاء الأسعار، وهو الأمر الذي كانت الأسواق تعانده بشكل كبير، وخاصة أسواق تداول العملات، والتي لطالما كانت تراهن في البداية على أن الفوائد لن تتخطى 3%، ثم نقلت رهانها على أن الفيدرالي سيقوم بتخفيض الفوائد في أقرب وقت ممكن، وهما الرهانان اللذان باءا بالفشل ، خاصة وأن الفيدرالي اختار البقاء عند مستويات 5.5% لأكثر من عام، حتى مع انخفاض معدلات التضخم من أعلى مستوياتها التي كانت قد حققتها في يوليو من العام 2022، ولكن حديث رئيس الفيدرالي هذه المرة تضمن إشارات خفية سألقي الضوء عليها في هذه المقالة.
الإشارات الخفية في حديث رئيس الفيدرالي وتأثيرها القادم على الدولار والأسواق:
لقد حمل اجتماع الفيدرالي الأخير العديد من الإشارات التي تعد إشارات جديدة بل وباعثة للأمل للعديد من الأصول والعملات.
حيث إن رئيس الفيدرالي، تحدث بخطاب واضح جدا، وبكلمات يمكن وصفها بالمتفائلة وخاصة فيما يتعلق بالتضخم والاقتصاد الأميركي.
فإذا نظرنا إلى التضخم فإننا سنلحظ أنه وعلى الرغم من صموده فوق 3%، إلا أنه ما زال يحافظ على نمط هادئ، ليوصف انخفاضه هذه المرة بأنه انخفاض حميد.
بينما وفيما يتعلق بالاقتصاد الأميركي، فعلى الرغم من ارتفاع البطالة إلى 4%، إلا أن مسار التوظيف ما زال قويا ويحمل إشارات مطمئنة بالنسبة لمسار الأعمال وإن كان يرى بأنه مسارٌ مدفوع بالشركات التكنولوجية.
بل إن أسواق الأسهم والتي حققت مستويات تاريخية، فإنها تشهد ما يمكن وصفه بالثورة الحقيقية الجديدة.
حيث إن التكنولوجيا وتحديدا الذكاء الاصطناعي يدفع الآن بشركات إلى قيم سوقية تاريخية.
وقد يشير البعض إلى خطورة ما يحدث لدى أسواق الأسهم، ويؤكد على أنه تركزٌ في شركات بعينها، وأن أي هزة عنيفة لدى هذه الشركات ستقود السوق برمته إلى السقوط.
ولكن وبغض النظر عن التركز الحقيقي، إلا أن الثورة المتعلقة بالذكاء الاصطناعي وفي حال استمرارها على نفس الوتيرة، قد تنتقل عدواها لمختلف القطاعات وتحديدا الصناعية.
أما فيما يتعلق بحديث رئيس الفيدرالي، فإن المختلف فيه سيقودنا نحو أمر خطير جدا يتعلق بقراءة التضخم القادمة.
بل إنه سيجعل من أي قراءة خاصة بسوق العمل مؤثرا على الدولار والذهب واسواق الأسهم أيضا.
فإن جاءت قراءة التضخم منخفضة هذه المرة، بل وفي حال تراجعت أسواق العمل الأميركية، فإن ذلك سيقود نحو تراجع ملحوظ في قيمة الدولار.
كما أن هذه القراءات ستقود الذهب نحو المستويات السعرية المرتفعة المتوقعة بل وقد تتخطى حاجز 2440 دولارا السابقة.
ولكن ارتفاع الذهب وفق هذا السيناريو، لن يكون بالأمر الطويل، خاصة إذا قام الفيدرالي بخفض الفوائد لأول مرة لهذا العام.
حيث إن أسواق الأسهم ستقود بسحب الجاذبية من سوق الذهب، وتدفعه إلى الانخفاض التدريجي.
في النتيجة؛
فإن أسواق التداول اليوم وحتى ظهور تلك القراءة، ستكون متخبطة، بل وستمثل فرصة للشراء للدولار أو الذهب أو حتى الأسهم عند كل مستوى هابط، للبيع عند مستويات سعرية مرتفعة ضيقة.
ليمثل العام القادم في حال انخفاض التضخم وانتهاء معركة الفيدرالي معه، فإن ذلك سيعني هدوءا لكل من الدولار والذهب، وعودة جيدة للاستثمار في أسواق الأسهم.
كما سيكون مناسبا للاستثمار في الذهب والمعادن الصناعية كالنحاس والفضة بل والمعادن الرئيسية وتحديدا الحديد.
مجدي النوري
مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية