مستقبل صناعة النفط تتجه نحو المجهول، وتوقعات بمزيد من ارتفاع الأسعار

كسبت أكبر خمس شركات نفطية غربية 36.6 مليار دولار أمريكي في الربع الأول من هذا العام، ليعتبر ثاني أعلى تدفق نقدي حر ربع سنوي على الإطلاق، وذلك بدفع من ارتفاع أسعار النفط، إلا أن سلوك هذه الشركات العملاقة الآن يدفع إلى التساؤل عن مستقبل صناعة النفط ، الذي يبدو أنه سيكون ضبابيا ومضطربا، بشكل سيدفع معه الأسعار لمزيد من الارتفاعات.

فوفقا لوكالة بلومبيرغ، فإن الشركات النفطية العملاقة (التي تضم شل، وتوتال إنرجييس، وبريتش بتروليوم، وإكسون موبيل كورب، وشيفرون كورب) لا تقوم بتوظيف هذه المكاسب المفاجئة في استثمارات نفطية جديدة، ولكنها تقوم عوضا عن ذلك بمكافأة المساهمين.

حيث أنه وبالرجوع إلى ميزانيات عمالقة صناعة النفط، فإنه يُلاحظ ثبات حجم نفقاتهم الرأسمالية والاستثمارية دونما تغيير.

كما يمكن ملاحظة تعهدهم أيضا بالانضباط والاستمرار على النهج القديم في الاستثمارات، حتى مع تخطي الأسعار حاجز 100 دولار أمريكي.

وهذا سيمثل دافعا رئيسيا لارتفاعات قادمة في الأسعار خاصة مع عدم الاستثمار في الآبار التي انخفض إنتاجها أساسا بشكل عام.

حيث سيكون عدم الاستثمار في المشاريع الكبيرة المتعلقة بالانتاج أمراً سيئا لعملية الانتاج، خاصّة وأن هذه المشاريع تحتاج نصف عقد أو أكثر لإنشائها.

تتوقع الشركات المزيد من التدفقات النقدية في نهاية النصف الأول من العام الجاري

وتمثل الأسباب السابقة دافعا مباشرا وقويا لتخفيض الانتاج في المستقبل، وبالتالي انخفاض المعروض النفطي وزيادة الأسعار.

حيث قال نوح باريت، محلل الطاقة الرئيسي في يانوس هندرسون التي تدير استثمارات بقيمة 361 مليار دولار:

“لم نلحظ قيام الشركات الكبرى بالاستثمار في مشاريع استثمارية انتاجية في الوقت الحالي”.

كما قال:

“إن عدم قيام الشركات الكبرى بتعويض الانتاج الروسي عن طريق رفع الانتاج كسبب رئيسي في ارتفاع الأسعار”.

وبالنظر إلى سلوك الشركات النفطية العملاقة عام 2013، والتي حققت آنذاك عوائد مرتفعة على خلفية تجاوز اسعار البرميل 100 دولار.

فإنه يمكن ملاحظة أن الشركات قامت باستثمار 158.7 مليار دولار على المشاريع الرأسمالية، أي ضعف ما تنفقه الآن.

لاحظ تراجع الانفاق الرأسمالي على المشاريع الرأسمالية بالنسبة للشركات العملاقة

لماذا يتجه مستقبل صناعة النفط تتجه نحو المجهول ؟

يمكن ملاحظة المجهول الذي تتجه إليه صناعة النفط من خلال سلوك الشركات الخمس الكبرى، من حيث تخفيض الانفاق الرأسمالي، لصالح الانفاق على المساهمين.

حيث قامت الشركات بمكافأة المساهمين بعد سنوات من العوائد الضعيفة، بدلا من الانفاق على المشاريع الجديدة.

فزادت شركات ايكسون وبريتش بتريليوم، وتوتال انيرجي من عمليات إعادة شراء الأسهم.

بينما تعيد شركة شيفرون شراء كميات قياسية من الأسهم من المساهمين على أسعار مرتفعة.

أما عن أسباب عدم قيام الشركات بالانفاق الرأسمالي، فأهمها ما يلي:

  • المخاوف المناخية، وضغوط نشطاء المناخ والبيئة النظيفة.

  • عدم اليقين بشأن الاتجاه المستقبلي للطلب على النفط.

حيث قال جيسون كيني المحلل في بنك سانتاندير إس إيه:

“أي قرار لزيادة أو دعم أو إضافة مشاريع جديدة للأحفوريات اليوم قد يشهد عوائد المخاطر في غضون سنوات قليلة”.

كما وأشار إلى مخاوف هذه الصناعة من تنامي مستقبل صناعة السيارات الكهربائية، والسياسة الحكومية الهادفة لتقليل الانبعاثات الكربونية.

وبمقارنة الانفاق على قطاع التنقيب عن النفط والغاز، فيلاحظ الأمور التالية:

  • تراجع الاستثمار في قطاع التنقيب بنسبة 30% عام 2020.

  • انخفض الانفاق على هذا القطاع عام 2021 بنسبة 23% عن مستويات ما قبل الوباء، ليبلغ 341 مليار دولار.

في النتيجة، فإن المستقبل الغامض الذي يلف هذه الصناعة، سيؤدي إلى تعميق الكارثة التي نعيشها، وهي ارتفاع مستويات الأسعار.

ويمكن ملاحظة شعور الولايات المتحدة الأمريكية بالخطر جراء المزيد من ارتفاعات اسعار الطاقة.

حيث دعا بعض السياسيين الأمريكيين والأوروبيين إلى فرض ضريبة غير متوقعة على أرباح الشركات للمساعدة في تخفيف العبء عن المستهلكين.

مجدي النوري مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية