إذا سألت موظفا ما عن أكثر الأمور التي يكرهها، فإنك غالبا ستجد نفسك أمام شخصٍ حانقٍ على وظيفته، بل ستجد نفسك أمام سيّل من النصائح بعدم الاقتراب من الوظيفة خاصة كانت أم عامة، وهذا سيضعك أمام سؤال رئيسي: لماذا لا يجب أن أكون موظفا ؟
إن الأسباب التي يمكن تقديمها كثيرة، ويمكن الحصول على العديد منها من على مختلف المواقع، إلّا أن هذه المقالة ستصحبكم إلى التفكير عميقا في أحد الأسباب المادية والنفسية التي تحثنا على عدم الدخول في سجن الوظيفة.
حيث يكمن هذا السبب فيما سنطلق عليه: “ثمن الوقت المضمون!!”
فعندما تختار أن تكون موظفا، فإن صاحب العمل -وإن صح التعبير- يقوم بشراء وقتك بمبلغ متفق عليه بحقوق وواجبات، مضمونين في عقد محدد ومكتوب.
وهنا تكمن بداية المشكلة!!
حيث أنه ومن المتعارف عليه بالضرورة، أن شروط البيع المُتفق عليها بين الطرفين، تلغي حق الاعتراض لاحقا، حتى وإن خطر في ذهن أحد الأطراف أية أفكار أخرى مخالفة.
وبالقياس على ذلك التشبيه من بيع وشراء وما يتخللهما من شروط، فإن التفكير في مخالفة أمر ما لسبب أو لآخر سيعتبر منافيا لشروط الاتفاق.
بل إن أداءك العمل بطريقة قد تبدو مختلفة عمّا طُلب منك، سيُقابل بالعبارة الدبلوماسية الأشهر لدى صاحب العمل:
“اعمل هذا! فذلك أفضل لمصحلة العمل .. أنت لا تدري ما يحدث حقا .”
بينما قد يقابل ذلك الأداء ردا من قبل بعض أرباب العمل أو مدرائه بالقول صراحة:
“اعمل هذا وحسب! أنت تتلقى راتبك، وهذا ما يهمك فقط، وإلا فقدم استقالتك !!!”
وإن وصلت في قراءة المقالة إلى هذه النقطة، فأنا أعلمُ مدى استيائك من هذا الموقف المحرج حقا.
حيث ستكون حينها صريعا بين المنطقية التي تمليها عليك خبرتك أو علمك أو فطنتك، وبين “ثمن وقتك المضمون” الذي سيضيع عليك إذا ما خرجت على الأوامر العليا.
حتى وإن تمسك البعض بمواقفهم النبيلة ومبادئهم العليا -وهم قليل-، فإنهم غالبا سيدفعون ثمن ذلك لاحقا.
إن هذا المثال و الذي يتكرر بشكل مستمر مع الموظفين، يشكل لدى الغالبية العظمى موتا بطيئا لعملية الإبداع أو التفكير الإبداعي.
كما أنه قد يعمل وبشكل لا شعوري، على قتل التفكير الحيوي في حل المشاكل أو إبداء الاقتراحات من قبل الموظف.
كما قد يجد الشخص نفسه متأخرا في مجالٍ قد قطع أقرانه فيه مراحل تفوق مستواه المهني بشكل كبير.
والمشكلة الأخيرة، وإن لم يعاني منها الكثيرون، إلا أنها تبقى معضلة يعاني منها أكثر من أطالوا المكوث في الوظائف.
الآن! وبعد محاولة الإجابة عن سؤال المقالة الرئيسي وهو: لماذا لا يجب أن أكون موظفا ؟!”، يأتي دور التساؤل عن الحلول الممكنة.
أعتقد أنه من الصعب، ومن غير المهني، أن أنصحك بترك الوظيفة مباشرة، وتحديدا في الوقت القريب، طالما أنه لا توجد فرصة أفضل نسبيا.
أما عن الحلول الممكنة فيمكننا استنباطها من رحم المشكلة نفسها، أي في كيفية التعاطي مع الأوامر المفروضة على الموظف.
حيث أن الالتزام بالعمل المفروض عليك أداؤه رغم منافاته لمعتقاداتك أو آرائك، يجب أن يكون ضمن شروط محددة؛ أهمها:
-
تحصين نفسك بالمعلومة، وذلك بأن تكون فضوليا في فهم المعلومات التي تخص آلية العمل المفروضة عليك.
-
ثم أن تحصن نفسك بوسائل الحماية التي تثبت موقفك أو رأيك الذي تم إهماله.
-
وأن لا تهمل نفسك وعقلك بشكل يجعل منك إنسانا آليا، وذلك من خلال حُسن الاطلاع على ما يدور خارج عالم الوظائف.
وإذا ركزنا على النقطتين الأولى والثالثة، فإننا سنكتشف بأن الحل يكمن فيهما تحديدا.
وذلك لما يمثلناه من فرصة لإتاحة المجال أمام التفكير مليّا في التخطيط لعمل حر قد تقوم به مستقبلا.
لقد كانت هذه المقالة محاولة لتفسير سبب من الأسباب الكامنة وراء دفعك لأن لا تكون موظفا.
ومحاولة للتأكيد على أهمية التفكير بالأعمال الحرة، خاصة وإن كنتَ في بداية مشوارك الوظيفي.
فغالبا ما تكون البدايات مرتبطة بعائد بسيط وغير مجدٍ، الأمر الذي قد يشكل لك حافزا للانطلاق، فالعائد الكبير غالبا سيجعلك مرتبطا بالوظائف بشكل أكبر.
" لا شيء اكثر صعوبة مثل ان تصف نفسك للاخرين "
ساهر علاونة ريادي اعمال الكترونية صغيرة و صانع محتوى رقمي بسيط بالاضافة الى عمله الاساسي في مجال الهندسة المدنية